مُقتطفات من وحيِ التجربة
الجزء الثاني
طالبُ المستوى المتوسِّطِ
كثيراً ما نتفنن في جذب متعلِّم العربية بأساليبنا المستحدثة وأفكارنا البرَّاقة – وخاصة في ظل انتشار المؤسسات والمراكز الخاصة المَعنيَّة في هذا المجال – وذلك لتسجيل نقطة انطلاق فريدة تخدم متعلِّمي العربيَّة .. لغة القرآن .. ولكن ماذا بعد؟
ماذا بعد اللَّحظة الحاليَّة التي هي نتاج المستوى الأوَّل “المبتدئ” وستؤدِّي حتماً إلى مستقبل طالب “متقدِّم “.
من المُلاحظ أنَّ طالب المستوى المتوسِّط قد اكتنزَ خلال رحلته الأولى قدْراً لا بأس به من اللغة وهذه عين العملية التعليميَّة وهدفها ؛ ليتابع معلِّمه تتمة ما بدأ به .
وفي الحقيقة أنها تبدو مرحلة حرجة للبعض بسبب فقرها لقوة الانطلاقة الثَّانية بعد انخفاض الحماس من الانطلاقة الأولى .
وعليه لا بدَّ من:
- شحذ الهمم ؛ للإقبال على دراسة لغة قلَّ الملمُّ بها والعمل على إبراز أهمِّيتها وفهم المراد من تعلُّمها فهي صورة وجود الأمَّة فكراً ومعنى .
- رسم استراتيجية يتَّبعها المعلِّم عبر خطة زمنيَّة مدروسة تجمع بين غزارة المادة العلمية وحاجات المتعلِّمين ولو من غير التزام مقرَّر معين .. فالمتعلم بحاجة لبناء جسر عبور لا تكديس صفحات وسطور .
- التركيز على النقاط الأساسية والمألوفة من اللغة وهذا أساس فيه تأكيد ما مضى والبناء عليه مما يزيد الدافعية نحو اكتساب اللغة .
- ومن الواضح أنه في بداية المرحلة المتوسطة لا حاجة لنا في الاستزادة أثناء العمليَّة الإنتاجيَّة بل يكفينا استخراج المكنوز اللُّغوي بعيداً عن إبراز جهبذة المعلِّم إبرازاً يُحبطهم ويعيق تقدّمهم .
- التَّحدُّث بمستوى ما اكتسبوه من اللغة بحيث يتدرّج معهم في ذلك ؛ ليمكِّنهم من السيطرة على اللغة المتعلَّمة والتغلب على المواقف التواصلية فيها . مما يساعد على تحقيق الكفايات الثَّلاث ( اللغوية – التواصلية – الثقافية ) تحقيقاً عملياً مهنيّاً . عندها يتكوَّن نتاجها من قوة علم ، ونهضة فكر .
- تفعيل لغة الصُّورة فهي أبلغ من الإلقاء الجافّ المباشر .
- عرض المادَّة العلميَّة بأسلوب حواري مثمر ؛ ينتج الخبرات ، ويُظهر الأهداف ، ويطلق العنان في نهج خطة معرفيَّة واضحة المعالم , متمسكة بأهدافها جوهراً ومظهراً .
- مساعدة المتعلم في التعبير عن رأيه إزاء موضوعات عديدة ، سواء أكانت تخصصية أو لا . مع الاستمرار في طرح التقويم بشكل مرحليّ وكذلك نهائيّ .
ولا ننسى ..
أنَّ الدقة في تركيب اللغة دليل على دقَّة الملكات في أهلها وعمقها هو عمق الرُّوح .. وكثرة مشتقاتها برهان على نزعة الحريَّة لدى أهلها .. أمير البيان مصطفى صادق الرَّافعي